مكافحة السل الرئوي: معطيات تؤكد نجاعة السياسات الحكومية
و م أ / خلدت موريتانيا أمس الخميس على غرار المنظومة الدولية، اليوم العالمي للسل تحت شعار: “نعم يمكننا القضاء على السل”.
والسل هو المرض المعدي الثاني الأشد فتكاً (بعد مرض كوفيد-19)، وتسببه بكتيريا (المتفطّرة السُّليّة) التي غالباً ما تصيب الرئتين، ويمكن أن تنتشر عندما يطلقها المرضى المصابون بالسل في الهواء – عن طريق السعال مثلاً، وقد تم اكتشاف الجرثوم المسبب للسل عام 1882.
ورغم الجهود الهامة التي بذلتها موريتانيا وشركاؤها في التنمية، فإن هذا المرض يمثل حتى الآن بالنسبة للصحة العمومية في بلادنا مشكلة كبيرة، يتطلب القضاء عليها عملا مضاعفا من طرف الجميع كل فيما يعنيه خاصة في مجالات الوقاية والتعبئة والتحسيس.
وفي هذا الإطار، يندرج حرص القطاع الصحي خلال الحفل المنظم تخليدا لهذا اليوم بإشراف الأمين العام للوزارة، على تقديم عروض حول هذا الداء بينت الاعراض وحثت على الكشف المبكر عن المرض، وأكثر من ذلك تم تقديم معونات تقديرية للفاعلين في الحقل الصحي الذين أبلوا بلاء حسنا وبذلوا جهدا مقدرا في التصدي لهذا الداء.
وعلى المستوى الوطني، تسعى الحكومة جاهدة بالتنسيق مع شركائها الفنيين والماليين، إلى بذل المزيد من الجهود للحد من تزايد الإصابة بالمرض وتداعياته الجمة، سبيلا إلى تخفيف وطأة أضراره اللا متناهية، وذلك ما مكن من نتائج إيجابية مكنت في مجملها من تقليص أعداد المصابين بالمرض وإعطاء أولوية للمصابين به، وتسليط الضوء عليه لخلق ثقافة مجتمعية ضده.
وقد مكنت هذه الاجراءات من تحسين مؤشرات ارتفاع معدل اكتشاف حالات السل في موريتانيا من نسبة 65% عام 2020 إلى 72% عام 2022، كما ارتفع معدل نجاح العلاج من نسبة 74% عام 2020 إلى 83% عام 2021، فيما انخفض معدل الإصابة بمرض السل من 87 ل 100 ألف نسمة عام 2020 إلى 81 ل 100 ألف نسمة عام 2022، وانخفض كذلك معدل الوفيات من 15 ل 100 ألف نسمة عام 2020 إلى 13 ل 100 ألف نسمة في العام 2022، كلها معطيات تؤكد نجاعة السياسات الحكومية المتبعة في هذا المجال.
وانطلاقا من ذلك، تبذل الحكومة الموريتانية بدعم من شركائها في التنمية، المزيد من الجهود لضمان التشخيص الكامل، إضافة إلى توفير الأدوية الفعالة للوصول إلى خدمات مكافحة السل على امتداد التراب الوطني، وفق توجيهات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الهادفة لضمان الرعاية الصحية المناسبة للمصابين بالمرض، خصوصا الفئات الأكثر ضعفا وهشاشة.
وعلى الصعيد ذاته، يسعى قطاع الصحة لمكافحة مرض السل في سياق تحقيق أهداف التنمية المستدامة وفق خطة الصحة للتنمية 2022- 2025، كما تم تنفيذ أنشطة هامة في إطار التصدي للمرض، شملت من بين أمور أخرى التكوين والإشراف على مستوى جميع منشآت التكفل بمرضى السل، وتجهيز المنشآت الصحية بأجهزة عالية الجودة ومتطورة للكشف عن المرض، إضافة إلى توفير أدوية الأطفال المصابين بالمرض بكامل المرافق الصحية، كما تم تحديث الدليل الوطني الذي يعالج السل لدى الأطفال والبالغين، وكذا السل المقاوم للأدوية لتضمين توصيات منظمة الصحة العالمية الجديدة خلال 2021.
ويظل مرض السل مصدر خطر حقيقي قائم بذاته ما لم تتضافر جهود الجميع لإذكاء وعي المجتمع بعواقب المرض وخطورته وزيادة الوعي الوطني والتعبئة والتحسيس الدائمين للحد من انتشاره، وذلك باتخاء الاجراءات الوقائية الضرورية اللازمة والكشف المبكر عنه، لتحقيق التزام موريتانيا الدولي للقضاء على السل في أفق 2030.
وتقوم الوقاية من السل عبر مقاربتين الأولى لغير المصابين، إذ يجب على غير المصابين بالسل الابتعاد عن الأشخاص المصابين بالمرض، والحفاظ على معايير السلامة، أما الثانية فللأشخاص المصابين بالمرض، إذ يتعين عليهم إكمال العلاج الذي أوصى به الطبيب، ومتابعة العلاج لتفادي ظهور سلالات مقاومة من السل، إضافة لاتباع إرشادات النظافة العامة، والبقاء في المنزل إذا أمر الطبيب بذلك.
ويبقى الأمل والإصرار على رفع التحديات حافز السلطات الصحية وشركائها خاصة منظمة الصحة العالمية التي اختارت لتخليد اليوم العالمي للسل هذا العام شعار : نعم يمكننا القضاء على السل، بهدف بث الأمل والتشجيع على انخراط القادة على أعلى مستوى، وزيادة الاستثمارات، وتسريع تطبيق التوصيات الجديدة الصادرة عن المنظمة، والأخذ بالابتكارات، وتسريع الإجراءات، والتعاون متعدد القطاعات لمكافحة وباء السل، وفق بيان للمنظمة.