دور المدرسة الجمهورية في ترسيخ قيم المواطنة
السيد ولد صمب أنجاي
تمثل المدرسة الجمهورية في أهدافها ومراميها الدعامة الأساسية في توطيد وصيانة الوحدة الوطنية لما لها من
دور رائد في تعزيز قيم المواطنة والوحدة الوطنية وفي هذا الاطار فان العملية التربوية والتي هي العمود الفقري
للعملية التنموية بمفهومها الواسع لن تضطلع بدورها كاملا الا عندما يكون الهدف مرهونا بالتنشئة والتربية لما
لهذه الأخيرة من دور في اكتساب المعارف والتشبث بالقيم الجمهورية التي هي صمام أمان لتعزيز وترسيخ قيم المواطنة الحقة .
وهكذا ستساهم المدرسة الجمهورية التي أرسى دعائمها فخامة رئيس الجمهورية والتي تشكل محورا أساسيا في البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية’ والتي هي احدى المرتكزات الأساسية للإصلاح التعليمي المنشود أداة فعالة لغرس تعاليم ديننا الحنيف والى ترسيخ قيم ثقافتنا العربية الإفريقية’ وقيم المواطنة والمساواة ’ والتلاحم الاجتماعي’ ان المدرسة الجمهورية بما تتيحه من فرص وامكانات مختلفة’ بدء بتعزيز الوحدة الوطنية والتلاحم الاجتماعي وبناء نظام تعليمي شامل وفعالة ذي جودة عالية’ تتطلب مساهمة ونضافر جهود الجميع’ وفي هذا الاطار دعا ويدعو رئيس الجمهورية الى بذل كافة الجهود’ لإنجاح اصلاح النظام التعليمي مؤكدا أن الدولة لن تدخر جهدا في سبيل دعم هذا القطاع الحيوي’ ورفع القدرات المهنية لطواقمه’ وهكذا وتتويجا لذلك تم حصر السنة الأولى من الابتدائية في المدرسة العمومية وليس ذلك تحجيما مطلقا للتعليم الخاص .
فالمدرسة الجمهورية لا شك انها ــ وكما يقول رئيس الجمهورية في خطاب وادان التاريخي ـ ستقضي على الكثير من الأساليب والأنماط التي تجاوزها الزمن’ ولن يكون ذلك الا بتجاوز رواسب هذا الظلم في موروثنا الثقافي والى تطهير
الخطاب والمسلكيات من تلك الأحكام المسبقة’ والصور النمطية الزائفة’ كما أنها ستعمل على محو الفوارق الاجتماعية’ فكانت أولى خطوة في ذلك هي تأهيل الكادر البشري’ وتشييد البنية التربوية وترميمها’ ثم أشفع ذلك بتوحيد الزي المدرسي ….الخ
كل هذا من أجل الحفاظ على وشائج وعرى اللحمة الاجتماعية’ التي هي الرهان الأوحد للعيش المشترك’ والوقوف ضد تسويق وتدويل خطابات الكراهية والعنصرية والعنف والشرائحية’ باعتبار أن الدولة ستظل حامية للوحدة الوطنية والكرامة’ وحرية ومساواة جميع أبناء
الوطن بقوة القانون’ وأيا كانت التكلفة سعيا الى تكريس دولة الانصاف والعدل’ وضمانا لصون الحريات الفردية والجماعية’ وبذلك تتأسس دولة المواطنة’ والرفاه المشترك وتمحي تلك التراتبية الاجتماعية’ التي ظلت ماثلة في الاذهان والذاكرة الجمعوية’ باعتبارها أساليب معيقة للتنمية’ وخطرا على وحدتنا الوطنية التي تمتاز مكوناتها الاجتماعية بالثراء’ الذي يعد مصدر ثراء لا مصدر جفاء’ كل هذا وذاك صونا لكرامة المواطنين’ وسلامتهم من الاضطرابات الأمنية’ والاجتماعية والسوسيوـ اقتصادية التي عرفها العالم’ وهنا تبرز القيمة الأكسيولوجية لحقيقة وكينونة المدرسة الجمهورية’ خاصة في ظل عالم تحطمت فيه القيم والمثل الانسانية السامية’ ولذلك يتوجب علينا الرجوع الى قيمنا ومثلنا السامية’ المستقاة من تعاليم ديننا الحنيف سعيا لتعزيز مفهوم المواطنة’ التي تعني العلاقة التي تربط بين الحاكم والمحكومين’ وهي محددة سلفا في الدستور’ فالدولة ملزمة بتوفير مجموعة من الحقوق للمواطنين’ مقابل مجموعة من الواجبات والالتزامات’ التي يتطلب من المواطنين تأديتها’ فالعلاقة بين الحاكم والمحكوم علاقة تعاقدية’ مبنية على شبكة من الحقوق والواجبات’ وهو تعاقد معنوي عام وشامل وملزم للجميع .
وغير بعيد عن ديننا الاسلامي الحنيف نقول انه جاء قبل النظريات الغربية بتشريعاته الانسانية ليكرم البشرية ويحثهم على التآخي والتكافل الاجتماعي والتعاضد والوحدة التي هي فريضة شرعية قال تعالى : < واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا > وفي
الحديث < المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا > وقد تربى الصحابة رضوان الله عليهم على قيم العدل والمساواة والمواطنة الحقة وعملوا بها وهو ما عبر عنه عمر بن الخطاب رضي الله عته بمقولته المأثورة < متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا > وهكذا نخلص في النهاية أنه لاوجود لوحدة وطنية ولا دولة مواطنة الا عبر تجسيد المدرسة الجمهورية’ التي أرسى دعائمها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد الشيخ الغزواني’ يقول رئيس الجمهورية : < نحن جميعا متفقون على ان التعليم هو الطريق الوحيد لاكتساب العلم والمعرفة’ والوسيلة الوحيدة لتقدم المجتمعات وتنمية البلدان وتطورها > وهذا مؤشر على مدى الاهتمام الذي يوليه فخامته لهذا القطاع الحيوي’ وهوما جعله يلتمس من الاسرة التربوية معلمين واساتذة وتلاميذ’ وطلاب وآباء وادارة ومجموعات محلية ومجتمع مدني’ أن يقوم كل منهم بواجبه ومن موقعه’ من أجل النهوض بهذا القطاع في اطار مدرسة جمهورية بوصفها’ < الحاضنة > و القادرة على صيانة لحمتنا الوطنية’ واعطاء كافة ابناء الشعب الفرصة في التمدرس’ دون تمييز وبعدالة ومساواة’ وتتويجا لتكريس دعائم المدرسة الجمهورية كقرار لا رجعة فيه’ فإننا نثمن عاليا ونشكر الدولة الموريتانية’ وعلى رأسها فخامة رئيس الجمهورية على المصادقة على مشروع المرسوم القاضي بتكريس يوم وطني للمدرسة الجمهورية يوافق الثلاثين أكتوبر من كل سنة .