انتفاضة عرت الصمت العربي
امهادي الناجي محمد الأمين (أرشيف)
تجرى الآن فى فلسطين المجاهدة أحداث انتفاضة شعبية غير مسبوقة ‘سواء من حيث شكلها أو من حيث ما يمكن أن تأوول إليه من نتائج ‘فمن حيث شكلها هي انتفاضة سكاكين وطعن بالمدي أفقدت الصهاينة صوابهم وبثت فى قلوبهم رعبا لم يسبق له أي مثيل
ويستوي فى ذلك الرعب الصهيوني المستوطن والاجهزة القمعية والحكومية ‘الكل بات مذعورا لايعرف متى ولا كيف يمكنه الحصول على الطمأنينة المفقودة ‘بمعنى أن هذه الانتفاضة العظيمة قلبت الموازين بحيث أصبح المتغطرس هو المرعوب والقوي أكثر هشاشة من الذى يفترض أنه الاضعف ‘فأصبح الاسرائيلي يستنجد بقوى الاستكبار وأذنابها حتي يتم احتواء هذه الانتفاضة .
كل هذا العمل الميداني المؤلم للعدو كان بأيدى فتية فلسطنيين آمنوا بربهم وبالقضية فتحلوا بالبطولة والقوة والعزيمة وتحلت حاضنتم الشعبية الباسلة بشيئ من الصبر والتحمل تنوء به الجبال الراسيات ‘ومنحهم الله بعدا استراتيجيا متمثلا فى محور مقاومة لم يبخل بالدعم والاسناد رغم المؤامرة الكونية التى يواجهها هذار المحور .
أما من حيث المآلات فأكثر ما يميز هذه الانتفاضة الباسلة أنها أظهرت للرأي العام العربي والاسلامي ومن ثم العالمى قدرة الفلسطنيين على استعادة وحدتهم المقدسة فى مواجهة الغطرسة الصهيونية والحسابات العميلة لبعض الحكومات العربية .
كان من مفارقات هذه الانتفاضة أنها بدأت من رام الل بالضفة الغربية وبشكل عفوي تلقائي بعيدا عن التخندقات الطائفية ‘الشيئ الذي قطع الطريق تماما على أصحاب أجندات العمالة العربية حتى لا يتسنى لهم وبأساليبهم التقليدية المعروفة تكبيل هذه الانتفاضة الباسلة وفقا لحساباتهم كممتهنين للتجارة بالدم الفلسطيني الطاهر .
وفرت هذه الانتفاضة إذن أرضية خصبة وصالحة لإجماع فلسطيني غير مسبوق ‘ولو أنصف الدهر لكان هذا الاجماع إسلاميا ‘ فهي انتفاضة القدس والاقصي حيث أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ‘ولو كان هناك مجال لاجماع الامة الاسلامية لكانت هذه الانتفاضة الشريفة نقطة الارتكاز التى ينبغى أن يتمحور حولها كافة أبناء الامة الاسلامية .
ومهما يكن من أمر فقد أطلقت هذه الانتفاضة رصاصة الرحمة علي ما يسمى اتفاقية أوسلو وعلى المسار التفاوضي مع الصهاينة بشكل عام ‘إذ لم يعدهناك فى فلسطين من يعتبر المسار التفاوضي طريقا جادا لتحرير الاراضي والمقدسات .
ومن حسنات هذه الانتفاضة البطلة كونها عرت الصمت العربي الرسمي المخجل اتجاه ما يجري فى فلسطين سواء تعلق الامر بالجامعة العربية وحكوماتها المترهلة ‘أو تعلق بالاعلام العربي الذي سخر كل وقته وإمكانياته الهائلة لتشجيع إشعال النار فى سوريا واليمن وليبيا ومصر والقائمة مستمرة متناسيا ما يجرى علي أرض فلسطين الطاهرة من جرائم صهيونية تعجز الوحوش البرية عن ارتكابها .
وبقدرما فضحت هذه الانتفاضة الشريفة الحكومات العربية وجامعتها ‘بقدرماأوضحت شجاعة وبعد نظر الطرف الآخر المؤيد لخيار المقاومة كطريق وحيد لتحرير الارض واستعادة الحقوق ‘وبقدرما عرت الانتفاضة الحالية النظام الرسمي العربي بقدرما بينت دور وأهمية محور المقاومة متمثلا فى سوريا المجاهدة والمقاومة الاسلامية فى لبنان من ورائهم الجمهورية الاسلامية الايرانية وكل أحرار العالم ‘ولعل أحدث دليل على ذلك البيان الختامي لقمة العرب وأمريكا اللاتينية الذى لم يتطرق لما يجرى فى فلسطين بنصف كلمة فى الوقت الذى يتحدث عن ما سموه ادانة للتدخل الايرانى فى المنطقة وكأن جرائم الصهاينة هي شأن عربي داخلي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
أثبتت هذه الانتفاضة النبيلة التى قدمت حتى كتابة هذه السطور أكثر من ثمانين شهيدا أن الذين اختاروا طريق المقاومة كانوا على حق وكان لهم شرف السبق فى اختيار الطريق الصحيح‘فتفجرت الانتفاضة من الداخل شلال غضب جارف لن يكون للصهيوني الجبان أي مقدرة على تحمله .
فلتعش هذه الانتفاضة الباسلة كاحدى أهم وأحدث تجليات المقاومة الطريق الصحيح والوحيد لتحرير الارض والمقدسات واستعادة الحقوق.
وليخسأ الصمت العربي المشين .
امهادى ولدالناجي