
الأسد لم يهرب… الأسد قتل بطعنتين.. / الكاتب نارام سرجون
مقال أنشره متوجه عبره إلى كل سوري أينما كان إصطفافه السياسي والمكاني، وهدفي أن يكون محاولة لتوثيق حقيقة أعتقد أن السوريين بحاجة الآن أو في يوم من الأيام لمعرفتها للإجابة على أسئلة منطقية سيسألونها حول ما جرى من سقوط مدو لسورية كل سورية.
معلوم أن الأسد الابن ( بشار ) استلم سدة القيادة في الجمهورية العربية السورية عام 2000 كوريث لوالده ( حافظ ) الذي ترك بصمة قوية في تاريخ السياسة السورية ومكانة السياسة الخارجية لسورية.
وقد رافق تسلمه السلطة أملاً شعبياً داخلياً في نقل السوريين اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً إلى حالات أفضل من الازدهار والتقدم.. وأملاً خارجياً عربياً ودولياً من نقل سورية لتسويات وتفاهمات جديدة تخدم مصالح دول إقليمية وغربية.
نجح إلى حد ما في الأمل الأول وكانت هناك دلائل إيجابية ومؤشرات حسابية تدل على تقدم وإحراز نجاحات كانت ستستكمل لو لم تحصل بعض الأحداث التي أخرت استكمالها كمثل : ( حرب العراق، اغتيال الحريري، حرب تموز )، وأحداث أخرى أبطأت التقدم وبعض الأحداث التي ألغته ( الربيع العربي، الحرب في سورية ).
وفي الأمل الخارجي :
الأسد هادن التركي وتعامل معه كشريك استراتيجي وفتح له أبوب سورية مستندًا على تقاطع المصالح بين الدولتين الجارتين آملًا في أن يسيرا معًا في طريق الحرير التي سيكون لهما دورًا مستقبليًا بالغ الأهمية فيها…
والأسد كان صادقاً في تحالفه، بينما كان التركي الإخواني ماكرًا مخادعاً..
بعد كل الإنجازات السورية في عهد بشار الأسد السياسية : ( مبادرة السلام العربية 2002، دعم المقاومة في العراق 2003، دعم المقاومة اللبنانية وإعطائها سلاح كاسر للتوازن؛ صواريخ الكورنت؛ الدعم الكبير والنوعي لحماس والجهاد الإسلامي؛ واستضافتهما في دمشق، والدور الذي لعبته سورية في مباحثات دول البركس ومشروع طريق الحرير، الاتفاقات الثنائية مع روسيا والصين وإيران وفنزويلا وكوبا والبرازيل وحتى تركيا ما بين العام 2008 والعام 2010 ).
والنجاحات الاقتصادية منها ( نمو في الميزان التجاري وارتفاع في الإنفاق للميزانيات السنوية، وإطلاق مشاريع السوق المفتوحة، ومسح ديون سورية نهائياً، بالإضافة لإطلاق مشاريع صناعية عملاقة وخطط لمدن صناعية منتشرة على قاعدة اللامركزية الادارية ).
ولا ننسى الإصلاحات الداخلية في إطلاق التعديلات للقوانين التي تختص بالحياة السياسية والإعلامية في سورية وإنشاء الأحزاب ” رغم أنها لم تكن كافية ” .. ومشاريع إدارية كالأتمتة والمكننة الإدارية وإطلاق خطط الإصلاح الإداري والتي كان يعقد عليها آمال كبيرة.
كل ذلك والكثير غيره….
نجاحه النسبي فوق بالإضافة لعناده ( الأسد ) أمام الكثير من المحاولات الأميركية عبر الأميركي مباشرة أو مداورة عبر قناوته الرسمية والغير الرسمية، العربية منها والأجنبية، والغاية منها دفع الأسد لتنازلات هنا أو لتسويات هناك في ملفات عدة أهمها : ( التطبيع أو السلام مع إسرائيل، توقيف دعم حركات المقاومة في لبنان وفلسطين؛ فك العلاقة الاستراتيجية مع إيران وجعلها علاقة عادية، إعطاء دول مثل فرنسا والشركات الأميركية امتيازات في حقول نفطية أو مشاريع إدارة المرافئ، وتشغيل بعض مرافق الإنتاج الحيوية في سورية للشركات الغربية، والكثير من ما كانت تلك الدول تمني النفس فيه ).
نجاحه النسبي ذاك، وعناده هذا، جعل الأميركي والغرب الأوربي وعرب البيترو دولار، يقدمون للتركي صفقة ” طعن الأسد “، التي تولت قطر السير فيها، وأقنعت الماكر أردوغان بتنفيذها…
وبدأ التنفيذ وطعن الأسد الطعنة الأولى في العام 2011، وظن الجميع أنها قاتلة، راحوا يبشرون ويهللون.
إلا أن الأسد المطعون صمد، وصبر، وقاوم آلامه، وساعده على ذلك رد الجميل من حزب الله له، ووفاء حليفه الإيراني، فكان موقفهما ترياقاً تجرعه الأسد ونهض زائراً.
شفي الأسد نسبياً، ولكن الندب التركي ظل موشوماً في قلبه عميقاً فالأسود لا تتسامح مع الغدر…..
هنا… وبعد أن شعر الروسي بإمكانية صمود الأسد وتعافيه رغب في دور له بعدما كان متأنياً، فالطعنة؛ الحرب ابتدأت في العام 2011 واشتد وطيسها حتى سقط اكثر من 60% من الأراضي السورية والروسي كان إما متفرجًا أو ناصحًا ببعض الاستشارات العسكرية فوجد الأسد فرصته في كسر التوازن وقلب كفة الميدان والسياسة لصالحه، وهكذا كان إلى حد معين.
مع مرور الوقت تبين للأسد وشركائه ( الإيراني وحزب الله ) الكثير من الأمور التي جعلت الأسئلة تطرح عن دور الروسي في الصراع، وكنا أيضًا كمتتبعين ومراقبين سألنا كثيرًا أنفسنا لماذا لا تحسم الأمور في الشمال السوري ؟ كما حسمت في حمص أو حلب أو حتى ريف دمشق، ولماذا تتقدم القوات إلى نقطة معينة في الجنوب أو في الشرق وتقف عندها ؟ ثم يأتي الروسي ليدير الاتفاقات التي لم تكن ترضي الشعب في سورية وجمهور حلفائها، وكانت الأجوبة غير مقنعة، بل كنا كثيرًا ما نستعمل مصطلح الروسي عم بيوازن الأمور لا يريد الغلبة كي يطيل بقائه ويأخذ ما يريد…
كانت إحدى أبرز الأحداث التي أدارها الروسي هي ملف الأسلحة الكيماوية، والتي فاجأتنا جميعًا نتائجها، بل صدحت وقتها أصوات منا اتهمت الروسي وشككت بتحالفه مع الأسد، والكثير الكثير من أنصاف الحلول التي كان الروسي يستطيع برأينا أن يقدم نتائج أفضل لنا منها.
جميعنا اليوم إن راجعنا تلك المراحل بتفاصيلها سنجد أنفسنا في حيرة من تعامل الروسي وارتضائه بأنصاف الحلول وقتها… وقد نجد اليوم بعد ما تكشف وسيتكشف لنا قد نجد بعض إجابات تلك المرحلة، والتي ستصدمنا وسيصدمنا عدم فهمنا لها في وقتها وعدم فهم وانتباه الأسد لتلك الثغرات أو الدلائل التي تجعله يأخذ في الحد الأدنى حذره من ذالك الدب اللاحم.
استمر الأسد في تقديم كل شي يريده الروسي بل وأعطاه الكثير ولم يأخذ منه إلا القليل، والقليل الضار وليس القليل المفيد، واستمر الروسي على حاله واستمرت وعوده للأسد، وخصوصًا في ملف الدفاعات الجوية الكاسرة للتفوق الإسرائيلي بالإضافة لملف التواجد العسكري التركي ولم يتحقق شيء…
إلا أن الأسد لا يملك الكثير من البدائل، ولا يوجد لديه حلول أخرى، فتريث على قاعدة ” الموعود أفضل من المبعود ” وصبر وتصبر ولم يحصل على مراده.
استمر التململ والمحاولات، وكان الروسي يتذرع بالطلب من الأسد التنازل للتركي، ولكن ندب الطعنة لم يندمل بعد عند الأسد لأنه كان في روحه ونفسه وروح ونفس أبناء شعبه، وكان الأسد يطلب من الروسي الضغط على التركي بالعودة أولاً لاتفاق أضنة، والمصالحة تكون على أساس السيادة السورية.
وكان الروسي عاجز في الضغط على التركي بأن يسحب قواته.
#التحول_الروسي الفعلي بدأ بعد عملية #طوفان_الأقصى كان الروسي قبلها يحاول بالضغط على الأسد في ملف #التواجد_الإيراني ويرسل رسائل لم نفهمها يومها كرسالة اغتيال قاسم سليماني والتي ساعد الروسي في توفير بعض المعلومات فيها عبر بعض ضباطه السوريين اللذين جندهم لمصلحته ومثلها الكثير من الاغتيالات التي قام بها الإسرائيلي مباشرة بعد تقديم الروسي المعلومات له…
إثر كثرة الاغتيالات للمستشارين الإيرانيين ابتدأ الأسد يتململ من البرود الروسي وقام بتعديلات أمنية كثيرة لم يسبق لسورية أن غيرت خلال عام واحد مرتين قادة لأجهزة أمنية حساسة كما فعلت في العامين الماضيين فلطالما كانت الأسماء الأمنية هي بمثابة ثوابت في السياسة السورية الأمنية.
#لماذا طوفان الأقصى بداية تحول الروسي ؟
كان الروسي قرأ جيدا خطاب #النتنياهو يوم أعلن الحرب على غزة، ووعد أنها ستكون #حرب تطبيق الشرق الأوسط الجديد، وفهم الروسي جدية الإسرائيلي وقرر أن يستثمر فيها على عكس الأسد ومحور المقاومة، اللذين لم يقرأوا خطاب النتياهو جيدًا، فلو فهموا جدية ما عناه وقصده النتنياهو لكانوا غيروا التكتيك، ولم يفتحوا ( أقله ) حرب إسناد في جنوب لبنان، بل كانوا جعلوها حرب استباقية ودخلوا في التحام مباشر، ودخول إلى الجليل لطالم اخبرنا سماحة السيد الشهيد استعداد الرضوان له، وفي الحد ( الأكثر ) كان قرار فتح جبهة الجولان وباقي الجبهات دفعة واحدة خيار صائب وممكن وذات جدوى مئة في المئة.
كان الروسي يراقب ويتشاور مع التركي والإسرائيلي، وبذكائه الثاقب عرف أين مصلحته ودعى الأسد للتريث والمسير معه في الصفقة فوجد رفضاً أسدياً.. إلا أنه ظل يأمل أن يلين الأسد، وراحوا جميعاً يتداورون في تقديم الأفكار في صفقة للأسد .. الإسرائيلي عبر الأردني والإماراتي، والأميركي عبر السعودي وحتى رئيس وزراء العراق. التقى الأسد مبعوثاً من الأميركي في محاولة أخيرة، ورفض الأسد صفقتهم وكان محقًا في رفضه، وقدم الأسد صفقته للسعودي ووعد من قبل السعودي والإماراتي بالعمل والدعم لها ومحاولة تسويقها، وتريثوه انتظارًا واستخدموا معه إضاعة الوقت حتى بدأ النتنياهو في المرحلة الثانية من حربه وأعلن الحرب على لبنان، وكان وقتها الإمارتي والسعودي داعمين بشدة لها ليجددوا اتصالاتهم بالأسد ويحاولوا لعله يبدل وما بدل فراحوا يوعده ليضيعوا الوقت حتى يفقد الأسد أوراقًا كان يملكها أو يضعفونه يإضعاف الورقة نفسها كورقة حزب الله التي أوعز الروسي لمجموعة من ضباطه في المناطق التي له فيها سيطرة على إغلاق مكاتب خدمية لحزب الله وسربوا معلوماتها وصور إغلاقها ورفع بعض الصور لمنظومة الإعلام العبرية العربية التي ضجت في نشرها مما هز بعض من الثقة وزرع مسمار فيها…
* الصفقة الأميريكية للأسد :
1- إخراج الإيراني من سورية بشكل كامل.
2- توقيف إمداده لحزب الله وإخراجه من سورية وقطع العلاقة معه.
3- طرد كافة الميلشيات العراقية المسلحة وغيرها المتواجدة في الأراضي السورية والتي يسيطر عليها الأسد.
4-إنهاء المنظمات الفلسطينية في سورية وطرد قادتها.
5- الجلوس على طاولة المفاوضات للتطبيع.
( للتطبيع كمرحلة أولى والسلام مرحلة ثانية على قاعدة المقترح الأميركي للسلام والذي يجعل الدولة في سورية ضامن. لأمن إسرائيل وذلك بالتعهد بعدم التسلح والالتزام بعديد معين للقوات المسلحة السورية والموافقة على وجود وتثبيت قاعدة أميركية للأعمال اللوجستية والمراقبة.
6- الموافقة على إقامة حكم محلي لا مركزي للأكراد بناءً على خارطة مرفقة بالملحقات.
7- يكون الروسي والأميركي والفرنسي والسعودي ضامنين للصفقة.
مقابل ذلك كله ترفع العقوبات كلها ويقدم لسورية مبلغ بدل تعويض اقتصادي مباشر ابتدأ في المرة الأولى بثلاثين ( 30 ) مليار دولار وازداد في أخر مرة قدمت فيها الصفقة إلى خمسين ( 50 ) مليار دولار وتقوم دول الخليج بإعادة إعمار سورية عبر صناديق دعم أممية ضامنة وتطلق يد سورية في لبنان اقتصاديًا وسياسيًا على قاعدة أمن إسرائيل وسلامة المكون اللبناني وفي المرة الأخيرة تم التعديل لضم طرابلس لسورية بعد خلق أحداث طائفية بموجبها تتدخل سورية وتعطي الأمم المتحدة لها في طرابلس وصاية شرعية.
* صفقة الأسد للأميركي
1- تغادر القوات التركية سورية وتتجدد اتفاقية أضنة ويضاف عليها بند بإلزام تركيا المسؤولية الكاملة عن أي خرق وتحت أي ظرف ويسجل ذلك بقرار أممي في الأمم المتحدة وتعلن سحب قواتها وتغادر الأراضي السورية في مدة 30 يوم من إمضاء الاتفاق وبعد أن تفكك كل التنظيمات العسكرية التابعة لها وتقدم خرائط حقول الألغام التي استحدثتها بعد العام 2011.
2- ترفض سورية أي شكل من أشكال الحكم المحلي أو أي استقلالي للمكون الكردي ويتم تفكيك القوات العسكرية وتسليم أسلحتها ويعمل على التحاق من يرغب من عديدها بالتطوع في صفوف الجيش العربي السوري وينشأ برعاية عربية صندوق تنمية ودعم خاص لمناطق الجزيرة السورية ( القامشلي والحسكة والرقة ).
3- ترفض سورية أي وجود أميركي لا في قواعد ثابتة ولا في تشكيلات أممية أخرى ترعى أي اتفاق وتعمل على تفكيك قواعدها وخروجها من البلاد وتسليم أماكنها للجيش العربي السوري وتفكيك أي شكل من أذكال التنظيمات المسلحة التي أنشأت لمصلحتها في تلك المنطقة وإن كان من ضرورة لقاعدة مراقبة دولية لا يمكن قبول الأميركي فيها وأعضاء دول النيتو فيها ويمكن القبول بقوات دولية يتم الاتفاق عليها مع الدولة السورية.
4- تضع سورية خطة تفصيلية بمغادرة كل القوات المسلحة الحليفة والصديقة والغير سورية ويستثنى وجود من هم مشمولون باتفاقيات الدفاع المشترك.
5- يعقد مؤتمر دولي لدعم سورية وإعادة الإعمار على أن يتكفل المشاركون والداعمون بجمع المبالغ المنصوص عليها في الفقرة (أ) من الباب إعادة الإعمار في الملحق المرفق.
6- يبدأ التفاوض المباشر برعاية روسية وأميركية وعربية بين سورية وإسرائيل على قاعدة تطبيق القررات الأممية الخاصة بالجولان السوري.
8- تعمل سورية على موافقة حزب الله للجلوس أو الانخراط أو دعم الحكومة اللبنانية في التفاوض مع إسرائيل على أن تضع الحكومة اللبنانية خارطة طريق لضم قوات المقاومة للجيش اللبناني بناءً على قرارات الحكومة اللبنانية.
وضمن ما تم تداوله من أفكار واقتراحات صرحت به الكثير من المراجع الإعلامية والسياسية كي نرى لماذا رفض الأسد ما قدم له وماذا هو قدم وبالمقارنة بينهما نستنتج أن الأسد لم يكن في المبدأ عنده مشكلة بإخراج القوات الإيرانية وحزب الله وغيرهم من سورية ولا مشكلة عنده في الجلوس مع الإسرائيلي مباشرة والتفاوض معه ولا ولا ولا كل ما كان ينشده ويقيس عليه مع كل الأطراف هو #السيادة_السورية وهي الأمر الذي قاس الأسد خطواته عليها من رفض وقبول وهذا أمر فهمه الأميركي والإسرائيلي والروسي وأدرك أن هذا الرجل لا يصلح للمرحلة التي يريدون فيها إنشاء شرق أوسط جديد.
بدأت الحرب في لبنان وكانت الأطراف كلها باستثناء الأسد ومحور المقاومة مدركين حجم الجدية ” الإسرائيلية ” وقرار بطشها وتدمير لبنان وحجم الخرق في المحور، وحتى الروسي كان يعلم ويدرك حجم الخروقات في جسد المحور المقاوم كله، ويدرك حجم القرار ” الإسرائيلي “، وهو الذي يملك ” الروسي ” من المقدرات والإمكانيات التكنولوجية وشبكات العملاء العاملين لمصلحة مخابراته من اليهود الروس والروس المقيمين ” بإسرائيل ” ما لا يعد ولا يحصى.
كانت التقديرات أن تستطيع ” إسرائيل ” إنهاء حزب الله والتقدم حتى إلى صيدا وتدمير الضاحية مما يلغي إمكانية تواجد عسكري لحزب الله في الجنوب وبيروت والبقاع الغربي، وحصر خطره في الهرمل وبعلبك والتي يعمل على تدميرهما تدميرًا يجعل البيئة المقاومة كلها تنتقل إلى خارج لبنان بينما تفرض إسرائيل اتفاقاً سياسياً رسمياً في لبنان، وبذلك ينتهي الخطر الأهم عليها، لتنتقل فيما بعد لمواجهة مباشرة في سورية كات قد هيأت لها من قبل طوفان الأقصى، إلا أن عدم قدرة إسرائيل تخطي المقاومة في الجنوب رغم كثافة الضربات وخطورتها جعل الأطراف ( الأميركي الإسرائيلي والتركي ) تناقش خطة كانت قد وضعتها القيادة في إسرائيل مع التركي قبل أحداث طوفان الأقصى ومضمونها تجهيز قوات في الشمال السوري وتدريبها وتنظيمها والعمل على نقلها إلى منطقة درعا والسويداء عبر #التنف والتي كانتا ( السويداء ودرعا ) تحضر أرضيتهما لاستقبال القوات ومهاجمة دمشق من المنطقة الجنوبية وبدعم جوي إسرائيلي وبذلك تنهي إسرائيل التواجد الإيراني وحزب الله في خطوط الجنوب السوري وتقيم منطقة خارجة عن سيطرة الدولة السوري على غرار الشريط الحدودي الذي كان قبل عام الألفين في جنوب لبنان وتحت حمايتها متصل بالأكراد في الشمال الشرقي لسورية وقاطعًا التواصل بين سورية وبين العراق.
كان للتركي رأياً بتعديل الخطة والبدء من الشمال لمعرفته بضعف جبهة الشمال بسبب تمركزه والاتفاقات بينه وبين الروسي على أن يعمل على مناقشة الخطة مع الروسي مقترحًا تقديم ضمانات حماية لقاعدته في حميميم، وهدف التركي الثاني في الانطلاق من الشمال هو رغبته بأن يكون له دور كبير ويبقى مستلم زمام الأمور بيده، وقد ناقش التركي مع الروسي الفكرة، إلا أن الروسي الفطين والكثير الدهاء رفض مبدأياً، وراح يناقش مع الأسد بعض الاحتمالات، والتي كان قد ناقشها بطرق مختلفة في مراحل سابقة، وكان الأسد يرفضها ورفضها أيضًا…
وفي تلك الفترة أصر التركي على حلفائه البدء من الشمال ليكون له من المعركة حصة الأسد ولكي يكون في يديه زمام الأمور، وقد وافق الإسرائيلي وتمنع الأميركي عن الموافقة فبادر التركي والإسرائيلي منفردين بوضع التفاصيل الأخيرة ومنها قرار الإسرائيلي بالموافقة على وقف إطلاق النار في جنوب لبنان على أن يبدأ الهجوم شمالاً في نفس اليوم والخطة كانت تهدف لقطع طرق إمداد حزب الله عبر طريق m4 وطريق m5 ولو بالنار حيث لم يكن التركي يتوقع سقوطاً سريعاً لحلب ووصولاً سهلاً لتلك الطرق، ومن ثم لحماة إلا أن الروسي أراد هذا السقوط ليضغط على الأسد ويضعه في زاوية لا يستطيع الخروج منها إلا بموافقة الروسي على أن يدير الروسي إنهاء التواجد الإيراني وإنهاء حزب الله في سورية ولبنان والدفع لعملية سلام كاملة تضمن بقائه في سورية وترضي التركي والإسرائيلي ويستطيع حتى مقايضتها مع الأميركي في أوكرانيا، ويبقى الأسد في الحكم بشروط وحماية روسية وموافقة إسرائيلية.
وهكذا حصل وبشكل فاجأ التركي وميلشياته سقطت حلب بسرعة واستعرض الروسي قوته وقصف بعض المراكز الغير حيوية كرسالة لتركيا أنه قادر ويجب التحدث معه والتفاهم قبل أي شيء وسارع بطلب الأسد بناءً للخطة التي وضعها وأجهزته التي استنفرت كل قواتها وحتى استقدم قبل سقوط حلب بعض الدعم لقاعدة حميميم كان بوتين شبه متأكد أن الأسد سيرضخ ويوافقه ويخطان معًا دورًا جديدًا ومرحلة جديدة في خارطة الشرق الأوسط الجديد وبالنسبة لبوتين بقاء الأسد في السلطة وخروج الإيراني والقضاء على حزب الله يعني أنه أصبح الحاكم الفعلي لسورية وثبتت روسيا شرعية ووجودها لخمسين عامًا جديد وقد يعمد لإزاحة الأسد فيما بعد وتسوية سياسية يآتي خلالها برئيس جديد يصنعه هو ( بوتين ) ليكون بيدقه الخاص في سورية.
كان الأسد وقيادته العسكرية والأمنية المصغرة والمعروفة أنها من مجموعتين لا تتجاوز الثلاثين فردًا ( الأمنية الرفيعة المستوى والعسكرية الرفيعة المستوى ) ومن بينهم أخيه ماهر، والمعلوم أن تلك الشخصيات لا تتنقل بكثير من الحمايات وأعداد غفيرة من المرافقين وفي أغلب تنقلاتهم الداخلية بين الفروع في دمشق يتنقلون بشكل فردي أو بمرافقة فرد أو اثنين من الحراسة الشخصية.
كان الأسد وقيادته أعطوا كل الأوامر للاستعداد للمواجهة وتشاور والإيراني الذي أبدى استعداد ونسق مع العراقي وكانت أجوائهما مشجعة ومتوافقة مع الأسد وحزب الله أيضاً بالإضافة لكل الهبات الشعبية والتجنيد وقام بتوقيع قرار زيادة الرواتب كان الروسي يدرك أن الأسد أخذ القرار وانتهى الأمر فقرر ( بوتين ) أن يتصرف بناءً لمصلحة روسيا العليا، فماذا يعني ذلك ؟
#بالنسبة لبوتين مصلحة روسيا العليا تقضي بالتالي :
المعلومات لدى الروس تقول أن التركي عدا عدته جيدًا وأي تدخل إيراني أو عراقي مباشر سيتدخل التركي والإسرائيلي بشكل مباشر وبالتالي ستطول مدة الصراع ويستنزف هو والسوري والإيراني وتنتهي المعركة بخسارته ومحور المقاومة، وهو في وضع لا يسمح بأي استنزاف غير محسوم النتيجة لمصلحته، إذا الأسد يغامر في مصلحة روسيا ولا يفكر إلا بثباته على موقفه ولديه أفكار خطيرة على تواجد روسيا في سورية، وفي حال نجح الأسد في فرض معادلة صمود تتعب الإسرائيلي وتجعله ينهك ( للإسرائيلي ) فيرضخ وبالتالي بالنسبة لبوتين وروسيا هذا يجعلهما في وضع غير سليم وغير محبذ.
لذلك مصلحة روسيا العليا تقضي بإزاحة الأسد والمعركة بدأت والوقت قصير لا يسمح لبوتين بالمناورة أبداً.
أخذ بوتين القرار باستدعاء الأسد لروسيا ليتم مناقشته لأهمية الوضع، وكثرت المستجدات. وهنا نتوقع منطقياً أن الأسد شرح لبوتين وجهة نظره التي من المنطق الطبيعي أن تكون قرارًا بالمواجهة بناءً على قدرات سورية وحلفائها من المقاومة.
وبالنسبة للأسد أنها حرب وجود وكان أخذ قرار بزيادة الرواتب للعسكريين وأعطى كل قرارات الاستعداد وكانت بعض كتائب وفرق الجيش باشرت بالهجوم على بعض المواقع في حماه..
وهنا ماذا يتوقع واحدنا رد بوتين ؟
الأكيد والمنطقي أنه رفض القرار جملة وتفصيلاً.
فإذاً،
هل عاد الأسد إلى دمشق ؟ أو بقيي محجوزًا بإقامة جبرية مشددة هو وبشار الجعفري ومن كان برفقته ؟
للإجابة يجب فتح تحقيق يبدأ من مطار دمشق وكميرات المراقبة فيه، والشهود عند الذهاب وعند الإياب، إن كان حصل عودة وثبتت، فهناك أسئلة أعمق تطرح نفسها وبقوة، وهي :
إن عاد الأسد فعلاً فكيف اختفى ؟
ولماذا يأخذ قرارًا بالتنحي فجأة ؟؟
لماذا يمنع الجيش من المواجهة ؟
لماذا لم يترك لقيادته أخذ القرار ؟؟؟
ولماذا لم يصدر أي بيان رسمي منه ؟؟؟؟
وهو الذي يملك من القدرة والقاعدة الشعبية ما يجعله يطل على الناس ويبلغهم قرار التنحي، متذرعًا بحقن الدماء والحفاظ على مؤسسات الدولة، ويشكرهم وينقل صلاحياته لرئيس الوزراء، ويرحل مودعًا شعبه ومودعاً سورية في عين الله، متوعداً انه سيكمل نضاله من أجل مصلحة سورية في مرحلة سياسية قادمة.
لماذا لم يفعل كل ذلك ؟؟؟؟؟؟؟؟
ولماذا هذا الغموض في مصيره وأخيه وقيادته العسكري. والأمنية والسياسية حتى من مستشارين وسفراء مقربين امثال بشار الجعفري ؟؟؟؟؟؟
أيها السوريين أيها الشعب السوري إن كان الأسد رحل طوعًا وهذا مناف للقبول العقلي والمنطقي بعد كل هذا السرد المنطقي؛ فلماذا لا يظهر من موسكو بلقاء أو تصريح ؟ ولماذا يفعل بتاريخه وتاريخ والده وطائفته كل هذا الإحراج والخذلان إن لم نقل ذل ؟ ولماذا ولماذا وألف لماذا ؟
هل من عاقل ومتنبه منكم لم يدرك أو يلمس أن في أداء الروسي وغموضه والنتيجة التي أزالت سورية من خريطة الوجود أمرًا مخفياً ؟؟؟؟
وهل يعقل أن يحصل كل ذلك ولا نشغل عقولنا في البحث والاستنتاج والتحقق المنطقي قبل أي تحقيق واقعي ؟
العاقل يدرك أن الأسد لم يهرب ولم يتنحى ولم يسلك طريق المساومات الغرارة ولم يتنازل فما كان من بوتين إلا توجيه طعنة ثانية له ولكنها في هذه المرة قاتلة له ولسورية ولمحور المقاومة.
#الأسد قتل بطعنتين الأولى من العالم كله عبر التركي والثانية من بوتين ليتلطخ على تاريخ روسيا وصمة عار الخيانة والغدر ويسجل التاريخ ثأرًا جديدًا وعدوًّا جديدًا للسوريين عبر أجيالهم فالروس منطقيًا سيحملون دم سورية عليهم وأبنائهم من بعدهم كما يحمل اليهود دم يسوع الناصري السوري أبد الدهر …
إخوتي وأهلي السوريين :
كل من يقرأ هذا المقال سيولد لديه الكثير من الأسئلة ومنها :
ماذا استفاد بوتين وكيف يحقق غاية روسيا العليا ؟
ومنها لقد أعلن الكرملين إعطائه وعائلته اللجوء ( الحماية ) السياسية فكيف ذلك ؟
ومنها عن الدور الأميركي ؟
منها أيضًا أي دور للإيراني وحزب الله وكيف غادروا ؟
ومنها كيف حصل ومتى امتلك الروسي هذه القدرة على تنفيذ ما نفذ ؟؟
ومنها كيف ضباط وقيادات الألوية والفرق والقطاعات مرروا هكذا أمر بالتسليم والانسحاب ؟
لكل الأسئلة أجوبة وأجوبة منطقية وبعضها ستجيب عليه الأيام القادمة.
إلا أني هنا سأجيب عن سؤال واحد للدلالة على طريقة تفكير تجعلنا نجيب على باقي الأسئلة وهو : أي دور للإيراني وحزب الله وكيف غادروا ؟
تفكروا معي ألم نشاهد فيديوهات للحشد الشعبي وقد قطع الحدود العراقية وبنفس الوقت شهدنا فيديو لانسحاب كتيبة من الجيش السوري للواء المولج الانتشار في دير الزور، وكان بنفس الوقت مقتدى الصدر يهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور إن تدخل الحشد في سورية، والتركي صرح رسميًا بإمكانية تدخل جيشه مباشرة في الصراع، طيب كونوا مكان الحشد وهذه هي المعطيات أمامكم مع خبر انسحاب القطعات العسكرية في الجيش السوري إلى دمشق فماذا أنتم فاعلون ؟
وقد يكون بوتين طلب التروي عبر غرفة العمليات العراقية الروسية الإيرانية. المشتركة لأنه سيحاول إيقاف الحرب بالتواصل مع التركي وجاء إعلان اتصاله بأردوغان وتبليغه رغبته بإيقاف الهجوم بأسرع وقت ممكن.
إن الأمور واضحة وضوح الشمس الروسي عمل لخداع الجميع ونجح.
أما حزب الله الذي أرسل 2000 مقاتل من نخبة جنده أو فرقه إلى حمص وقد وصل قسم منهم حمص بينما انتشر الباقي في منطقة القصير هؤلاء انسحبوا ليلاً بعد أن لاحظوا تسليم الجيش وانسحابه وكانوا متفاجئين جدًا فهل غدر الأسد بحزب الله أيضًا ؟ بالله عليكم اعملوا عقولكم ولا تدعوا بوتين يستغبيكم.
أما الإيراني وصلته المعلومات مساء ليلة الجمعة السبت أن أمرًا عظيمًا يحدث، فأجرى محاولات الاتصال بالقيادات فلم تستجيب أغلبها فأدرك أن في الأمر خيانة فقام بالانسحاب قدر المستطاع من دمشق وقد عبرت حسب مصادر القنوات الإخبارية العربية طائرة مدنية إلى العراق يرجح أنها نقلت المستشارين والضباط الرفيعي المستوى وشوهدت بعض الفيديوهات لأعداد كبيرة في الست زينب ( سلام الله عليها ) تهرب على ملئ وجهها فما رأيكم يرحمكم الله ؟
نارام سرجون
تقديري هو شرح تحليلي لما حصل AS