
المعارك السبع المتزامنة غرب مالي ، ظلال خطر داهم ، من السفاهة تجاهله ./ امهادي الناجي محمد الأمين
تزداد الأوضاع في الجارة مالي تعقيدا مع مرور الوقت . فكلما اتسعت رقعة نقاط المواجهة ، كل ما كانت مهمة أمن شريطنا الحدودي أكثر حساسية وتكلفة . فمن حيث التوقعات لم تفاجئنا هذه الهجمات العنيفة والمتزامنة ، وإن كان من اللافت قدرة المنظمات المسلحة على تخطيط وتنفيذ مثل هكذا معارك في الوقت ذاته . وكذلك تمددها غربا بشكل أكثر عمقا من المحتمل . فقد نظم المتمردون هجمات متزامنة عنيفة في مدن (انيونو – مولودو – ساندري – نيورو دوساحل – ديبولي – كوكي – كايس ) . ويعد تمدد الهجمات إلى كايس غربا خطرا ماحقا بالنسبة لسلطات بماكو، ما لم يتم تطويقه بشكل حاسم وسريع . فهو يعني على الأرض قطع الطريق بين دجيما ونيورو ، وبين انيورو وكوكي الزمال (مورتانيا ) وكذلك قطع الطريق الرابط بين انيورو وكايس باتجاه السنغال ، إضافة إلى قطع خط السكة الحديدية نحو السنغال . هذا الأمر يعني بشكل واضح إحكام الطوق بشكل مطلق على سلطات باماكو ، خاصة إذا وضعنا في الحسبان التواجد القوي للمتمردين “الفولان” على محور ابواكي – بماكو ، وهو مايعني عزلها عن ساحل العاج . .
ندرك ميدانيا أن الجيش المالي قاتل بضراوة هذه المرة ، وأنه كبد المسلحين خسارات من بين الأكثر فداحة في تاريخ هذه المعارك . وفي الحقيقة أن استماتة الجيش المالي يفسرها هذا الوضع الحرج الذي أصبحت عليه بماكو . وهو مايعني أن المعركة أصبحت معركة حياة أو موت ، ولاتتحمل مزحا ولاتهاونا ، حتى بالنسبة لنا في موريتانيا . .
لن يكون بمقدور موريتانيا التفرج على مثل هكذا أحداث ، فالأمر بات أقرب من أي وقت آخر ، وشرر اللهيب يرى بالعين المجردة . .
تحتم هذه الوضعية اتخاذ جملة من التدابير المتلاحقة (نكررها دائما ) ، ينبغي أن تتخذها السلطات الموريتانية دون تردد ولا مواربة ولا تأخير : :
* أن تغلق الخط الحدودي من النهاية الغربية لمقاطعة كنكوصه إلى النهاية الشرقية لمقاطعة كبني .
* أن يغطى هذا الخط بقوات عسكرية متحركة بخفة وجاهزية ، ومدعومة بمسح جوي على مدار الساعة .
* أن يعلن هذا الشريط منطقة عسكرية مغلقة ، تحت طائلة استهداف كل حركة بها خارج الترتيبات بشكل مباشر ومميت .
* أن تطلق حملات تحسيسية بالتعاون مع السلطات الإدارية ، تستهدف تبصير المواطنين بخطورة الوضع ودعوتهم لمغادرة الأراضي المالية ، إلا للضرورات القصوى .
* أن تقود موريتانيا مبادرة سريعة ، تبدأ بالدعوة إلى قمة مصغرة تعقد بانواكشوط ، تحضرها سلطة بماكو والجزائرواالسنغال وساحل العاج ، تفضي إلى قمة موسعة يحضرها الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأروبي والولايات المتحدة والمملكة السعودية ، وان توضع على طاولتها خطة استعجالية تقتضي احتواء مستعجلا ومؤقتا للأزمة ، ريثما يتم رسم خارطة طريق للحلول والمصالحة .
لا ينبغي للسلطات الموريتانية إلا أن تأخذ هذا الخطر على محمل الجد ، وأن تعمل على تفاديه بجاهزيتها الأمنية والعسكرية أولا ، وبدورها المحوري ديبلوماسيا على نحو ماسبق ذكره ثانيا .
ندرك ان الجماعات المسلحة تكبدت خسائر فادحة في هذه المعارك المتزامنة .وأن هذا قد يضيف نقطة قوة للسلطة المركزية ، غير أن الخطر يظل قائما ، فهؤلاء انتحاريون أصلا وهي الحقيقة مجرد جولة .
تمنى أن تسارع سلطاتنا إلى اتخاذ هذه الإجراءات ، قبل أن يستفحل الموقف الذي يزيده موسم الأمطار تعقيدا بفعل طبيعة تضاريس المنطقة .
حفظ الله بلادنا من كل مكروه .
امهادي الناجي محمد الأمين