خطاب معالي رئيس حزب الإنصاف السيد سيد احمد ولد محمد ، في الندوة رفيعة المستوى التي ينظمها الحزب حول الحكامة الرشيدة بين الالتزام الثابت للدولة والانخراط الصادق للنخب والمجتمع
“بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السادة والسيدات رؤساء الأحزاب السياسية
السادة أعضاء المكتب التنفيذي لحزب “الإنصاف”
السادة والسيدات النواب
السادة والسيدات المحاضرون والمشرفون
السادة والسيدات المدعوون الكرام
أرحب بكم أصالة عن نفسي ونيابة عن قيادة ومناضلي حزب “الإنصاف”، كُلكُم باسمِهِ وجميل وسْمِهِ، راجيا أن تجدوا في هذه الندوة ما يُضيف للرصيد المعرفي، وما يثري التجربة العملية، وما يفتح بابا واسعا لإصلاح ما يجب إصلاحه استجابة لواجب المرحلة.
السادة والسيدات
إن الحكامة الرشيدة، مجالٌ كبير وواسعٌ للتداول والتفكر منذ عقود، وهي إحدى القضايا التي سال حِيَالها حِبر كثير، تَنظيرا وتَبصيرا. وهي أسلوبٌ في تدبير الموارد الاقتصادية والاجتماعية من أجل التنمية.
ولقد قررنا في حزب “الإنصاف” تناول الحكامة في هذه الندوة، عاليةِ المستوى، في ظل الالتزام الثابت لصاحب الفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي ما فتئ يعبر عنه قولا وفعلا، وقد جدده مؤخرا خلال خطابه بمناسبة إعادة انتخابه، رئيسا للجمهورية، حيث قال:
” لأن نجاعة السياسات العمومية في خدمة الشباب والمواطن عموما رهينة بقيام حكامة رشيدة فستكون حربُنا ضد الفساد حربا مصيرية لا هوادة فيها. فلا تنمية ولا عدل ولا إنصاف مع الفساد ومن ثم فلا تسامح معه إطلاقا”.
وكذلك انطلاقا من قناعتنا أن الأحزاب السياسية هي الحواضن المناسبة لتداول الأفكار التي توجه العمل العام، وتشير إلى مكامن الخلل، وتشيد بأوجه النجاحات.
إن الحكامة لا تعني فقط محاربةَ الرشوة وسوءَ التسيير، واستغلالَ النفوذ، والفسادِ الإداري والمالي، بل إن مفهوم الحكامةِ يتعدى كل هذه القضايا ليشمل كل ما من شأنه أن يعيق التدبير الأمثل للموارد الاقتصادية والاجتماعية من أجل التنمية.
السادة والسيدات
وفي هذا السياق، وعلى ذلك الأساس، سَالفِ الذكر، يأتي تنظيم هذه الندوة التي تركز على الحكامة الرشيدة، دعما وتعضيدا لجهود الحكومة بقيادة معالي الوزير الأول، الأخ المختار ولد أجَّاي، والتي خصصت حيزا كبيرا من سياستها للعمل على حل هذه المعضلة تطبيقا لبرنامج صاحب الفخامة “طموحي للوطن”.
السادة والسيدات
تعلمون، بكل تأكيد، صعوبة هذا النهج وتشعب مسالكه ومساراته لذلك سيكون علينا جميعا توحيد جهودنا من أجل إرساء وإشاعة ثقافة الحكامة الرشيدة كما قال صاحب الفخامة في خطابه المشار إليه آنفا:
“والحرب على الفساد والرشوة وسوء التسيير حرب الجميع، حرب المنظومات الإدارية والقضائية، حرب أجهزة الرقابة والتفتيش، حرب النخبة من مثقفين وقادة رأي ومجتمع مدني وصحافة ومؤثرين اجتماعيين، ولا سبيل للنصر في هذه الحرب بنحو حاسم إلا بتضافر جهود الجميع”.
السادة والسيدات
ستتناول هذه الندوة عدة موضوعات فرعية متعلقة بالموضوع الأصلي “الحكامة الرشيدة: بين الالتزام الثابت للدولة والانخراط الصادق للنخب والمجتمع”. حيث سيتم التأصيل للموضوع عبر التطرق للجوانب الشرعية والاجتماعية، كما سنبرز دور الهيئات والمنظمات في إرساء الحكامة الرشيدة، كالمجتمع المدني والفاعلين السياسيين والاقتصاديين والصحافة وغير ذلك من القُوَى الحية في المجتمع.
وكذلك الجوانب المؤسسية، والإطارين القانوني والتنظيمي لمكافحة الفساد في بلدنا بنظرة تحليلية ونقدية من أجل اقتراح الحلول المناسبة، فكما قال صاحب الفخامة في خطاب التنصيب:
“إننا ندرك أن ما تتطلبه الإصلاحات العميقة من تغيير في المقاربات، والعقليات، والمسلكيات، وآليات العمل، غالبا ما يصطدم بمقاومة اجتماعية وإدارية قوية، ونحن مطالبون جميعا بالعمل على منع هذه المقاومة من كبح ديناميكية الإصلاح أو إعاقتها عن تحقيق أهدافها.”.
السادة والسيدات
لم تشهد بلادنا التزاما قويا من أجل إرساء الحكامة الرشيدة كما تشهده الآن، بعد ما ترسخت القناعة بأنه لا تنمية مع استفحال هذه الظاهرة، وترسخها في الثقافة المجتمعية.
ومن مظاهر سريان هذه الظاهرة، ومن خطورتها أيضا استسهال الاتهام بها، ليختلط الحابل بالنابل، والنزيه بالفاسد، وليكون الجميع في الهواء سواء.
وهذا هو مكمن الخطر، فاليوم بمنتهى البساطة يمكن لأي أحد توجيه اتهام بالفساد لأيٍ كان، دون حاجة للدليل المادي، وهكذا يتحول الاتهام بالفساد إلى عبث، تتراماه الأطراف في صراعاتها الضيقة أو المحلية أو السياسية.
لا شيء أخطر من وصم كل من يتولى الشأن العام بأنه فاسد، ولا شيء أخطر من الفساد ذاته، هذه الثنائية تحتاج تفكيكا عميقا، وناضجا، يمكن أخذه على محمل الجد.
السادة والسيدات
لقد حان الوقت أن نتخلى كأفرادٍ ومجموعاتٍ وأحزابٍ مواليةٍ ومعارضةٍ عن الممارساتِ السلبية من حميَّة قبلية وانتماءات ضيقة من شأنها تشجيع ممارسات الفساد والمحسوبية، لأنه وبكل صراحة، قد آن الوقت لبناء موريتانيا قوية ومتماسكة يشعر فيها الأفراد بالأمان على الحاضر، وبالثقة على المستقبل.
وقبل أن أنهي كلمتي هذه، أعبر عن تمنياتي الصادقة لأعمالكم بالنجاح والتوفيق، عائدًا على بَدْءٍ، مرحبا بكم جميعا ضيوفنا الكرام، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.”